الجمعة نص دوام والسبت والأحد إجازة أسبوعية جديدة في السعودية من هذا التاريخ

المملكة العربية السعودية
  • آخر تحديث

أثار الكاتب الصحفي الدكتور بدر بن سعود نقاشًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية السعودية حول اقتراح تطبيق نظام عمل جديد يقوم على العمل لأربعة أيام في الأسبوع بدلاً من خمسة أيام، وهو ما يعكس توجهًا نحو تحسين ظروف العمل وتلبية متطلبات التنمية المستدامة. وناقش بن سعود دراسة وزارة الموارد البشرية في المملكة لهذا النظام، الذي قد يحمل فوائد اقتصادية واجتماعية ودينية، رغم التساؤلات حول مدى توافقه مع طبيعة المجتمع السعودي ومدى تأثيره على مختلف القطاعات.

 السعودية كمركز اقتصادي عالمي

أكد الدكتور بن سعود أن سعي المملكة لأن تصبح مركزًا اقتصاديًا عالميًا يتطلب منها مواكبة الأنظمة العالمية المتطورة في العمل والإجازة الأسبوعية، معتبراً أن هذا النظام سيسهم في تعزيز التنافسية الاقتصادية للمملكة. وأشار إلى أهمية تعديل أيام الإجازة الأسبوعية لتكون يومي السبت والأحد بدلاً من الجمعة والسبت، مما يُسهل عمليات التواصل مع الشركاء الدوليين ويدعم الاستثمارات الأجنبية من خلال توافق أيام العمل بين المملكة وبقية الدول. 

كما لفت إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تسهم في زيادة العوائد المالية للقطاع المالي والتجاري عبر تسهيل عمليات الأعمال مع المؤسسات والشركات العالمية التي تعمل وفق النظام العالمي لأيام العمل. في سياق مشابه، شهدت بعض الدول تعديلات مشابهة في نظم العمل لتعزيز الاقتصاد وزيادة الإنتاجية، ما قد يجعل هذه المبادرة خطوة إيجابية نحو تحديث نظام العمل في المملكة.

 دعم شعبي لنظام الإجازة الجديد

استند بن سعود إلى استطلاعات رأي حديثة لدعم فكرة تغيير الإجازة الأسبوعية، حيث أظهرت النتائج أن حوالي 48% من المشاركين يفضلون العمل وفق نظام الأربعة أيام، مع تخصيص يومي السبت والأحد كإجازة أسبوعية. وأوضح أن هذا التوجه يعكس رغبة شريحة كبيرة من المواطنين في تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، والاستفادة من الوقت الإضافي لقضاء أوقات أطول مع العائلة والأصدقاء، مما يسهم في تحسين جودة الحياة وتخفيف الضغوط النفسية المرتبطة بالعمل.

 فوائد نظام العمل لأربعة أيام

استعرض الدكتور بن سعود تجارب ناجحة لتطبيق نظام العمل لأربعة أيام في دول مثل فرنسا، الصين، وبعض الشركات مثل "مايكروسوفت" في اليابان. وقد أظهرت الدراسات أن هذه التجارب كانت إيجابية من حيث زيادة الإنتاجية وتحسين الصحة النفسية للعاملين، فضلاً عن تقليل استهلاك الطاقة والموارد، ما ينعكس إيجاباً على البيئة والمجتمع. ومن الجدير بالذكر أن تلك التجارب لم تؤثر سلباً على الرواتب، حيث تم الحفاظ على مستويات الأجور للموظفين، مما شجع مزيداً من المؤسسات على تبني هذا النظام.

 يوم الجمعة في الإسلام

أكد بن سعود على أهمية يوم الجمعة من الناحية الدينية في المملكة العربية السعودية كونه يوم عبادة وتجمع للمسلمين، واقترح أنه يمكن تخصيص هذا اليوم للعبادة والراحة ضمن النظام الجديد دون أن يتعارض ذلك مع الالتزامات الوظيفية. وبيّن أن تخصيص يوم الجمعة كإجازة للراحة من شأنه أن يحافظ على خصوصية الطابع الديني والثقافي للمملكة.

 التحديات المحتملة لتطبيق النظام الجديد

رغم الفوائد المحتملة، يواجه تطبيق نظام الأربعة أيام عمل تحديات تتعلق بملاءمته للواقع السعودي، منها:

1. التأثير على إنتاجية بعض القطاعات: هناك قطاعات تحتاج إلى دوام مستمر، مثل القطاع الصحي وقطاع النقل، ما قد يفرض إعادة تنظيم ساعات العمل لتتناسب مع النظام الجديد.     2. تأثير التغيير على بعض الصناعات: في بعض الصناعات كثيفة العمل، قد يتطلب تقليل أيام العمل زيادة عدد الساعات اليومية لتعويض الفرق، مما قد لا يكون مناسباً لجميع الموظفين.     3. التحديات الاجتماعية والأسرية: تطبيق هذا النظام قد يؤثر على التزامات الموظفين الأسرية، خاصة في حالة عدم توافق مواعيد العمل مع مواعيد المدارس أو التزامات أخرى.

4. تباين الآراء حول ملاءمة النظام للثقافة السعودية: هناك آراء مختلفة حول ما إذا كان هذا النظام يتوافق مع تقاليد المجتمع السعودي وقيمه، ما يتطلب بحثا متعمقا حول تأثيرات التغيير في ثقافة العمل المحلية.

 

ومن المهم الإشارة إلى أن العديد من الدول المتقدمة بدأت بتبني نظام العمل لأربعة أيام بعد إجراء تجارب ناجحة أثبتت زيادة مستويات الإنتاجية والرضا الوظيفي. في فرنسا على سبيل المثال، تطبق بعض الشركات نظام العمل لأربعة أيام منذ سنوات، وكانت النتائج إيجابية على صعيد تقليل الإجهاد الوظيفي وتحسين توازن العمل والحياة. كذلك، جربت شركة "مايكروسوفت" في اليابان هذا النظام وحققت ارتفاعاً في الإنتاجية بنسبة 40% مع انخفاض استهلاك الطاقة.

ويثير هذا النقاش حول تقليص أيام العمل تساؤلات هامة حول مستقبل سوق العمل في السعودية، وضرورة اتخاذ قرارات مدروسة توازن بين الفوائد المتوقعة والتحديات المحتملة. ومن المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذا الموضوع خلال الفترة المقبلة، مع تزايد الاهتمام بتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية وتحفيز الإنتاجية في بيئة العمل.

تعد هذه المبادرة جزءًا من رؤية المملكة 2030 الهادفة إلى تعزيز التنمية المستدامة، والتكيف مع المتغيرات العالمية في بيئة العمل. وقد تكون إحدى الخطوات نحو تحقيق هذا الهدف هي تبني نهج تجريبي يعتمد على تطبيق النظام الجديد في بعض القطاعات أو المدن، لدراسة تأثيراته على الإنتاجية والاقتصاد قبل التوسع في تطبيقه على نطاق أوسع.